فأيام الآراميين كان معبد للإله " حَدَدْ "
و أيام الرومان كان معبداً نُسب للإله " جوبيتر", و له آثار حتى اليوم تتجلى
بالقوس الخارجي في منطقة " المسكيّة" و هذا القوس هو بوابة معبد "جوبيتير"
و معبد "جوبيتير" الدمشقي تحول بعد إنتصار المسيحية على الوثنية أواخر القرن الرابع الميلادي إلى كنيسة, و شيدت داخله أيام الإمبراطور
" تيودوسيوس", كنيسة على اسم القديس " يوحنا المعمدان"
اقتسم العرب بعد الفتح هذا المعبد الكبير مع المسيحيين, و ليس الكنيسة كما فهم المؤرخين العرب و علماء الاثار المستشرقين, الأمر الذي أوقعهم في
الخطأ لدرجة أن ظن بعضهم أن الجامع الأموي ما هو إلا الكنيسة ذاتها مع شيئ من التعديل و الزخرفة التي أدخلها " الوليد بن عبد الملك"
و سبب الخطأ كله هو أن القدماء لم يُميزوا بين معنى المعبد و معنى الكنيسة, فقالوا باقتسام الكنيسة, و هم يريدون قول اقتسام أرض المعبد.
و المُعتقد بعد دراسة و تمحيص أنه لما دخل العرب و المسلمون و أخذوا نصف المعبد الشرقي, تركوا الكنيسة بكاملها للمسيحيين, و أقاموا
مسجدهم الذي عُرف باسم مسجد الصحابة في الجانب الشرقي من أرض المعبد, لأنه لا يُعقل أن يقتسم المسلمون الكنيسة و يُصلوا مع الأخوة المسيحيين تحت سقف واحد.
يقول " المهلبي" : بنى المسلمون الجامع إلى جانب كنيسة يوحنا المعمدان
إذاً
كان هناك مسجد شيده المسلمون, مستقل عن بناء الكنيسة, يجمعهما سور واحد,هو سور المعبد "جوبيتير" ,
وظل هذا التجاور في العبادة 70 عاماً, فلما كانت الخلافة للوليد بن عبد الملك, وجد حاجة مُلحة لإقامة جامع كبير يليق بعظمة الدولة , و يلائم حالة التطور للمجتمع العربي الاسلامي.
فقد كانت دمشق في عهد الوليد , عاصمة لأعظم دولة عربية في التاريخ, فدخل الوليد في مفاوضات مع الرعايا المسيحيين للتخلي عن نصف المعبد الذي تقوم عليه الكنيسة
بالطرق المشروعة, و تم للوليد ما أراد.
و هدم الكنيسة و كل ما كان داخل جدران المعبد من منشآت بيزنطية و رومانية, ثم شيّد الجامع وفق مخطط جديد يتجاوب مع شعائر الاسلام, و أغراض الحياة العامة.
قال الوليد عندما أراد بناء الجامع الأموي:
إني أريد أن أبني مسجداً لم يبني من مضى قبلي, و لن يبني من يأتي بعدي مثله"
و استغرق بناؤه عشر سنوات, و كان ظهور هذا الجامع ثورة على البساطة و التقشف.
و يجدر الذكر أن عمر بن عبد العزيز, لم يرض عن الاسراف و الترف الذي بالجامع, ففكر بنزع بعض النفائس و ردّها الى بيت مال المسلمين, و قيل أن وفداً
من الدولة البيزنطية زار دمشق فاستأذن هذا الوفد لزيارة الجامع, و قيل أن رئيس الوفد سقط مغشياً عليه خلال تأمله لروائع البناء, فلما أفاق سُئل عما أصابه فقال ما معناها:
" أننا أهل روميّة نتحدث أن بقاء العرب في هذه البلاد قليل, فلما شاهدنا هذا البنيان أيقنا بأنهم باقون فيها و لا رجعة لبيزنطة إليها بعد اليوم"
فلما أُخبر عمر بن عبد العزيز بذلك, قال: " ما أرى مسجد دمشق إلا غيظاً للأعداء" , فترك ما كان قد همّ به.
للجامع الاموي بوابات ثلاثة تصله بجهات المدينة الثلاث, و هناك باب رابع في الحرم في الجانب الغربي منه يصله بالجهة الجنوبية من المدينة.
1- باب البريد يعود للعصر المملوكي
2- باب الزيادة عند منطقة القباقبية
3- باب النوفرة يسمى باب جيرون سابقاً
4- باب العمارة كان يدعى باب الفردايس بالقرب من مقام صلاح الدين الايوبي
و للجامع الأموي ثلاثة مآذن:
1- المئذنة الشرقية " تسمى مئذنة عيسى" سميت كذلك للإعتقاد بأن سيدنا عيسى سينزل عليها عند قيامه.
و بسبب الكوارث
و الحرائق التي لحقت بها, فتحت أمام المعمار العثماني ليترك بصماته فوق الصرح العمراني العظيم, فالقاعدة مملوكية و المئذنة عثمانية.
2- المئذنة الغربية " تسمى قايتباي" هي أجمل مآذن الجامع الأموي, أصبح لها طابع مملوكي و هي المئذنة الأولى التي شُيدت في دمشق على الطراز المملوكي.
3- المئذنة الشمالية " تسمى العروس" شيدها الوليد بن عبد الملك و جعلها مُذهبة من أعلاها لأسفلها, و تُعتبر من أجمل مآذن الجامع الأموي بعد مئذنة قايتباي, و مئذنة العروس لا تمت إلى
طراز محدد بصلة لأنها مكونة من أطرزة مختلفة تجعلها متجددة, و سُميت هكذا لأنها تشبه العروس لِما كانت تتلألأ بأنوار الفوانيس في المناسبات
و أصاب الجامع حريق عام 1893
و يُفسر وجود الحاريب الآربعة للمسجد بالمذاهب الأربعة للمسلمين.
يقول ابن عساكر أنه في القرن السادس الهجري الثاني عشر الميلادي تم ثبوت خبر العثور على قبر سيدنا " يحيى"
في هذا المكان أثناء تشييد الجامع.
و أمر الوليد بن عبد الملك بالمحافظة عليه و يجعل فوقه عمود يختلف عن الأعمدة الأخرى ليدل عليه ثم أقيم عليه في
عهد لاحق ضريح من الخشب مُزين بالنقوش و لكنه احترق مع الحريق الأخير فأُعيد بناؤه بالرخام كما هو حال مقام سيدنا يحيى اليوم.
و تلقى الجامع أخطر حريق بسبب غزوة التتار لدمشق بقيادة تيمورلنك, حيث جمع التتار الحطب حول الجامع م كان فيه
30ألف شخص معظمهم من النساء و الأطفال, فأتت النار عليه و على من فيه.[
وبقى منه ما بقى الى يومنا هذا[/color]